كم وكم أغبط السلطانَ العثمانيَّ بايزيد الأول بن مراد الأول (ت805).
وذلك لأنه تولى شؤونَ الإمامِ المقرئ ابنِ الجزري (ت833)، وكان يُعطيه فوقَ كفايته؛ ليتفرغَ لنشر القرآن الكريم وعلومِه والتأليفِ فيه !
أيُّ صدقةٍ جارية أعظمُ من هذه ؟!
فالأمةُ في زمننا لا بد أن تقرأَ القرآنَ من طريق ابنِ الجزري، أو تتعلَّم علومَه من كتبه !
وتتمةً للفائدة أكتب هذه الومضات عن العلاقة بينَ السلطان العثماني بايزيد والإمامِ ابن الجزري:
- رحل ابنُ الجزري إلى مدينة بورصةَ واجتمع بالسلطان بايزيد، فطَلب السلطانُ منه الإقامةَ بقصره، فاعتذر وقال: جئتُ لأنشرَ القراءاتِ وينتفعَ بي مَن لا يقدر الرحلةَ إلي.
- عندما كان الإمام ابنُ الجزري ببورصةَ أمر السلطان بايزيد أولادَه الثلاثة الصغار "محمد ومصطفى وموسى" بالذهاب إلى ابن الجزري، وملازمتِه والتعلُّمِ منه !
- لازم أولادُ السلطانِ بايزيد ابنَ الجزري نحوًا من 7 سنين، فتعلموا عندَه مختلفَ العلوم، حتى إنه قال: صاروا يكلمونني بالعربية أحسنَ من أولادي !
- قال السلطان العثماني بايزيد الأول للإمام ابن الجزري: إني جهزتُ جيشًا لفتح القسطنطينية فهل تكون معي ؟
فأحابه ابنُ الجزري: بل أسبقك !
- كان ابن الجزري مع السلطان بايزيد مرابطين لفتح القسطنطينية، فصار يُحدِّثه عن فضل الجهاد والشهادة، فأرسل السلطان وأحضر كلَّ أولاده للمعركة !
- وبعد أن رجع ابنُ الجزري من زيارة السلطان بايزيد الأول من بورصة عاش مكتفيًا من رعايته والإنفاق عليه، قألَّف كتابَه المهمَّ "النشرَ في القراءات العشر"، ونظم "طيبةَ النشر" !
لله درُّهم ما أجلَّهم، أولئك آبائي ....
(الصورة فيها طغراء السلطان بايزيد، وخطُّ الإمام ابن الجزري)
محد وائل الحنبلي